اللغة والهوية ~ مدونة أفنان |
اقتباساتي من الكتاب:
أي ثورة لا يمكن أن تعتبر نفسها ناجحة إلا إذا حققت هدفين: تحرير الأرض، وتحرير الذات. ثورة الفيتنام حققت الاثنين: حرّرت الأرض وحرّرت الذات بفرض سيادة الغة الفيتنامية على الحياة الفيتنامية، وإلغاء اللغة الفرنسية التي سيطرت على الفيتنام ثلاثا وثمانين سنة والقضاء على الرواسب التي خلفتها على النفس الفيتنامية، واعتماد اللغة الانجليزية كلغة أجنبية.
قادة الفيتنام يحسنون الفرنسية، "هوشي منه" عاش بفرنسا سنوات كان يحسن الفرنسية، القائد العسكري "جياب" الذي توفي شهر أكتوبر 2013 خريج المدارس الفرنسية وأستاذ للتاريخ بفرنسا قبل استقلال الفيتنام يتقن الفرنسية، لكنّهم تخلوا عنها وثبتوا لغتهم.
في 1981 أبرمت اتفاقية الجزائر التي حررت الدبلوماسيين الأمريكان بطهران بثلاثة نصوص: النص الانجليزي مثّل الوفد الأمريكي، والنص الفارسي مثّل الوفد الإيراني، والنص الفرنسي مثّل الوفد الجزائري الوسيط برئاسة محمد الصديق بن يحيى وزير الخارجية الجزائري، الذي كان من مفاوضي اتفاقية إيفيان، فلغة الجزائر هي الفرنسية وليست العربية.
أول مرسوم نشر في أول عدد للجريدة الرسمية الكورية نصه كما يلي: "يُمنع على الكوريين التحدث فيما بينهم باللغة اليابانية" الشرطي بالشارع اذا استمع لكوري يتحدث باليابانية يُلقي عليه القبض ويسوقه إلى السجن.
في سنة 1962 كانت الجزائر سابقة لكوريا بخمسين سنة في ميدان البنية التحتية، الآن وبعد مرور خمسين سنة على استقلال الجزائر أين هي كوريا من ناحية التقدم وأين هي الجزائر؟ فوادي الحراش عجزت الدولة الفرنكفونية عن تطهيره واستدعت الكوريين لتطهيره وتنقيته.
استقّت الجزائر سنة 1962 فورثت بنية أساسية متطورة، أما الفيتنام فانتهت فيها الحروب سنة 1975 مخلفة تدميرا كاملا للبنية الأساسية، قمت باستطلاع إحصائي لسنة 2011 فوجدت أن الفيتنام بالفَتنَمة صدّر خارج المحروقات مواد زراعية وصناعية بما قيمته أربعة وثلاثون 34 مليار دولار، بينما صدّرت الجزائر بالفَرنَسة خارج المحروقات بما قيمته مليارين من الدولارات فقط. جُلّ موادها الأولية مستوردة بالعملة الصعبة مثل الزيت والسكر. كما يتمتع الفيتنام باكتفاء غذائي شبه كامل، بينما تستورد الجزائر معظم استهلاكها من الحليب وغيره من المواد الغذائية، وأي بلد يقاس بما ينتج وليس كيف ينطق الراء غينا، وهذا يؤكد أن تنمية أي بلد لا تتم إلا بلغته القومية مثل الصين وكوريا واليابان وأندوسيا وغيرها.
مصير اللغة مرتبط دائما بمصير شعبها، ويستحيل على شعب أن يغير مصيره إلى الأفضل بواسطة لغة أجنبية عنه، وإذا بقيت لغة وطنية ما متخلفة بقي شعبها متخلفا.
...ويتساءل السيد "نغوين فان هوين" وزير التربية الفيتنامي فيقول: "كيف يمكن لمواطنين يعيشون في بلد واحد ويقولون بأنهم يحبون الأرض التي ولدوا فيها، ويتحدثون عن كبريائهم الوطني، في نفس الوقت الذي يتكلمون فيه فيما بينهم بلغة أجنبية ويربون ويعلمون أولادهم بلغة أجنبية، بلغة ليس لها أية علاقة لا بتقاليد الثقافة الوطنية ولا بخصائصها ولا بأفكار الشعب ومشاعره"
..ويبيّن السيد وزير التربية الفيتنامي أن فيتنام الجنوبي يُحكَم بواسطة حكم غير وطني، حكم عميل للأمريكان، ولهذا نرى الفئة الحاكمة فيه تعمل على إبقاء اللغة الأجنبية سائدة في التعليم العالي.
يقول "نغويان خان توان" كاتب فيتنامي: ..لأن أي إنسان غير مستأصل من جذوره الوطنية غير مباع جسدا وروحا للمحتل الأجنبي لابد وأن يحبّ وطنه أكثر من جميع الأوطان الأخرى، وأن يعتبر لغته القومية أجمل لغة وأكملها في العالم.
"اللغة تساهم مساهمة كبيرة في توحيد واتحاد صفوف الأمة، وهذه الحقيقة أكدها التاريخ في بلادنا وتاريخ بلدان أخرى، فقد كانت الفيتنامية في جميع العصور وعلى امتداد التاريخ أداة فعالة لتوحيد أمتنا ككتلة متراصة في الحياة اليومية، وفي بناء الوطن"
"إذا كانت الفيتنامية ليس لها وجود في المدارس في العهد الاستعماري، فقد كانت تعامل باحترام باهت في المجتمع الراقي الفيتنامي، وكان الذين يتكلمون الفرنسية يعتبرون "مثقفين" ويحظون بالاحترام وكلمتهم مسموعة، بينما ينظر للفيتنامية على أنها لغة ريفية، وشيئا فشيئا تحولت الفرنسة إلى لغة الطبقات الراقية تتحدث بها عناصر مستأصلة تكمن في أعماقها عقدة الشعور بالنقص، وقد بلغ المسخ ببعض الفيتناميين إلى أن صاروا لا يتكلمون إلا بهذه اللغة الأجنبية مع إخوانهم وأخواتهم في منازلهم، أما أولئك الذي يقحمون في أحاديثهم بالفيتنامية الكلمات الفرنسية فعددهم كبير "