![]() |
الثورة الفرنسية ~ مدونة أفنان مثمرة. |
اقتباساتي من الكتاب:
..لقد سبق الأديب الانجليزي شكسبير (1564-1616) إلى إثارة الفكرة الفردية، إلا أن التعبير عنها بقوة وواقعية كان من مهمة فلاسفة عصر التنوير في بداية القرن الثامن عشر، ممن كان بهم أبلغ الأثر في شعوبهم، حتى نصبوا لهم التماثيل تخليدا لذكراهم.
لقد اجتمع للطبقة الكادحة من الشعب الفرنسي العديد من الظروف: السياسية والاقتصادية والدينية، والتي كونت بدورها موجة غضب شعبي عام، تولدت عنها ثورة طبقية عارمة، قادها المتعلمون البرجوازيون، بدأت بسقوط سجن الباستيل الشهير عام 1789 وانتهت تداعياتها بسقوط نابليون بونابارت وعودة الملكية من جديد.
قامت الثورة الفرنسية بمهمتين مزدوجتين في وقت واحد، الأولى في قضائها على الدولة ممثلة في الملكية والإقطاع، والثانية القضاء على الدين ممثلا في الكنيسة ورجالها، وهذا ما يميز الثورة الفرنسية عن غيرها من الثورات السابقة.
الثورة: "تغيير جوهري في أوضاع المجتمع لا تتبع فيه طرق دستورية"
توارث المجتمع الفرنسي نظام الطبقات الذي عم أوربا في ظل الملكيات المستبدة منذ القرون الوسطى، فالناس منقسمون إلى ثلاث طبقات، لكل طبقة طبيعتها، وموقعها من الخارطة الاجتماعية، وذلك على النحو الآتي:
الطبقة الأولى: طبقة النبلاء الأشراف (الأرستقراطيين): يتوارثون النبل بالمولد، ويحافظون على دمائهم نقية من شوائب الأغيار، فالاختلاف والتمايز يقوم تبعا لفوارق أصلية بين البشر.
الطبقة الثانية: طبقة رجال الدين (الأكليروس): يمثلهم القساوسة والرهبان، والقائمون على الكنيسة من أهل الدين، حيث يستمدون سلطتهم ونفوذهم باسم الله منذ القرون الوسطى.
الطبقة الثالثة: طبقة العامة: وهم الشغالة يتألفون من تجار وصناع وفلاحين وعموم العمال (البروليتاريا) مضافا إليهم البرجوازيون من مثقفي ومهرة هذه الطبقة الكادحة، والمعنية بالضرائب والإتاوات.
الطبقة الأولى: طبقة النبلاء الأشراف (الأرستقراطيين): يتوارثون النبل بالمولد، ويحافظون على دمائهم نقية من شوائب الأغيار، فالاختلاف والتمايز يقوم تبعا لفوارق أصلية بين البشر.
الطبقة الثانية: طبقة رجال الدين (الأكليروس): يمثلهم القساوسة والرهبان، والقائمون على الكنيسة من أهل الدين، حيث يستمدون سلطتهم ونفوذهم باسم الله منذ القرون الوسطى.
الطبقة الثالثة: طبقة العامة: وهم الشغالة يتألفون من تجار وصناع وفلاحين وعموم العمال (البروليتاريا) مضافا إليهم البرجوازيون من مثقفي ومهرة هذه الطبقة الكادحة، والمعنية بالضرائب والإتاوات.
الممهدات الاجتماعية للثورة:
ولقد كان للنظام الإقطاعي دوره الخطير في شحن نفوس الضعفاء من أبناء الطبقة العامة، فقد كان الفلاح مرتبطا بالأرض، والأرض مرتبطة بصاحبها من النبلاء، فلا يملك من أمره شيئا، فالمالك للأرض يملكها ويملك من عليها من البشر، ومهمتهم هي أن يؤدي كل واحد منهم عمله، بل حتى الأراضي التي يملكها بعض الفلاحين كانت تستباح بما يسمى بحق الصيد، فقد كان الملك يُقطع بعض الأمراء والنبلاء أراضي وحقولا للصيد، فلا يحق لصاحب الأرض أن يمتنع... وأقبح من هذا أن يصل الأمر إلى أن يكون من حق النبيل الاستمتاع بفض بكارة بنات الأرقاء، التابعين للأرض.
ولقد كان للنظام الإقطاعي دوره الخطير في شحن نفوس الضعفاء من أبناء الطبقة العامة، فقد كان الفلاح مرتبطا بالأرض، والأرض مرتبطة بصاحبها من النبلاء، فلا يملك من أمره شيئا، فالمالك للأرض يملكها ويملك من عليها من البشر، ومهمتهم هي أن يؤدي كل واحد منهم عمله، بل حتى الأراضي التي يملكها بعض الفلاحين كانت تستباح بما يسمى بحق الصيد، فقد كان الملك يُقطع بعض الأمراء والنبلاء أراضي وحقولا للصيد، فلا يحق لصاحب الأرض أن يمتنع... وأقبح من هذا أن يصل الأمر إلى أن يكون من حق النبيل الاستمتاع بفض بكارة بنات الأرقاء، التابعين للأرض.
الممهدات السياسية للثورة:
اتسم القرن السابع عشر في أوروبا بالملكيات المستبدة، التي تستمد سلطتها من الله - حسب زعمهم - فالملك مطلق اليد في: التشريع، والقرار، والتصرف، لا حق لأحد في مراجعته، فهو صاحب السلطة النافذة بأمر الله.
تقاسم كل من لويس الرابع عشر ولويس الخامس عشر أكثر من مائة وثلاثين عاما من الاستبداد والفساد والمظالم، إضافة إلى الحروب السياسية والدينية الطاحنة، فورثا تركتهما – المثقلة بالظالم والنكبات والاختناقات – أضعف ملوك البوربون وهو لويس السادس عشر، الذي اجتمعت عليه العديد من عوامل الاخفاق، ففي شخصه بالضعف الذي انتابه، والانشغال بنفسه، وفي زوجته وبلاطه بالفساد، وفي حروبه بالهزائم والنكبات، بالإضافة إلى الإرث التاريخي السابق لملوك أسرته المحمل بالمآسي، رغم أنه لم يمكن أسوأ ملوك فرنسا، بل قد يكون أرقهم وألطفهم بالشعب، وأقلهم فساداً
اتسم القرن السابع عشر في أوروبا بالملكيات المستبدة، التي تستمد سلطتها من الله - حسب زعمهم - فالملك مطلق اليد في: التشريع، والقرار، والتصرف، لا حق لأحد في مراجعته، فهو صاحب السلطة النافذة بأمر الله.
تقاسم كل من لويس الرابع عشر ولويس الخامس عشر أكثر من مائة وثلاثين عاما من الاستبداد والفساد والمظالم، إضافة إلى الحروب السياسية والدينية الطاحنة، فورثا تركتهما – المثقلة بالظالم والنكبات والاختناقات – أضعف ملوك البوربون وهو لويس السادس عشر، الذي اجتمعت عليه العديد من عوامل الاخفاق، ففي شخصه بالضعف الذي انتابه، والانشغال بنفسه، وفي زوجته وبلاطه بالفساد، وفي حروبه بالهزائم والنكبات، بالإضافة إلى الإرث التاريخي السابق لملوك أسرته المحمل بالمآسي، رغم أنه لم يمكن أسوأ ملوك فرنسا، بل قد يكون أرقهم وألطفهم بالشعب، وأقلهم فساداً
الممهدات الثقافية للثورة:
1- الوعي الثقافي بالتاريخ: لئن كان للثقافة الإسلامية وتجربتها الواقعية في السياسية والاقتصاد والاجتماع تأثيرها في الثقافة الأوربية، فإن الثورة البريطانية عام 1649 التي عمدت إلى إعدام الملك شارل الأول، وإلغاء الحق الإلهي للملوك، وما نتج عن هذه الثورة من تقييد سلطة الملوك بالبرلمان، ضمن ما يسمى بالملكية الدستوري، إضافة إلى خلع الارستقراطية ونظام الإقطاع، كان لها بالغ الأثر في بناء وعي الأمة الفرنسية بحقوقها، وتكوين تيار ثقافي إصلاحي، يقوده فلاسفة عهد التنوير في مطلع القرن الثامن عشر.
...إلا أن الثورة الأمريكية التي تمخضت عن إعلان استقلال المستعمرات الأمريكية عن بريطانيا عام 1776، وتبنت جمعا من حقوق الإنسان، كانت ألصق بالثورة الفرنسية، وأكثر تعبيرا عن حاجاتها.
2- الوعي الثقافي بالحقوق: لم تنطلق الثورة الفرنسية من فراغ، وإنما كانت لها جذورها الفكرية والثقافية الضاربة في التاريخ الأوروبي القديم، لا سيما عند فقهاء الرومان، وجاءت الحركة الفلسفية في عصر التنوير في القرن الثامن عشر مستلهمة الواقع والتاريخ لتخرج من كل ذلك بمفاهيم ونظرات جديدة.
... كانت الريادة الثقافية بصورة خاصة لقادة الفكر الثلاثة في القرن الثامن عشر: روسو، مونتيسكو، وفولتير، الذين عاشوا عن قرب هموم الإنسان الأوروبي، وشربوا من ذات الكأس التي شرب منها، فكان لهم بالغ الأثر في التأسيس للثورة الفرنسية، حتى غدا العقد الاجتماعي لروسو إنجيل الثورة، وكلمات فولتير وعباراته تلهب ظهور الخاملين.
3- الوعي الثقافي بالمعرفة: يعد ظهور الطبقة البرجوازية، وتمكنها العلمي والاقتصادي من أهم ملامح الحياة الاقتصادية الفرنسية في القرن الثامن عشر، ومع ذلك فقد كان الاتجاه العام يسير نحو إقصاء هذه الطبقة عن مواطن التأثير السياسي، ولهذا عملت الصالونات الاجتماعية والثقافية على توعية هذه الطبقة بحقوقها ومكانتها، إلا أن الطبقة الارستقراطية بما تتمتع به من النفوذ والسلطة - عملت هي الأخرى على إبعاد هذه الطبقة النشطة المثقفة العاملة عن مواطن اتخاذ القرار، وربما تعاملت معها بوقاحة وصلف، مما كان له الأثر الكبير في إثارة النفوس لكرامتها وحقوقها.
1- الوعي الثقافي بالتاريخ: لئن كان للثقافة الإسلامية وتجربتها الواقعية في السياسية والاقتصاد والاجتماع تأثيرها في الثقافة الأوربية، فإن الثورة البريطانية عام 1649 التي عمدت إلى إعدام الملك شارل الأول، وإلغاء الحق الإلهي للملوك، وما نتج عن هذه الثورة من تقييد سلطة الملوك بالبرلمان، ضمن ما يسمى بالملكية الدستوري، إضافة إلى خلع الارستقراطية ونظام الإقطاع، كان لها بالغ الأثر في بناء وعي الأمة الفرنسية بحقوقها، وتكوين تيار ثقافي إصلاحي، يقوده فلاسفة عهد التنوير في مطلع القرن الثامن عشر.
...إلا أن الثورة الأمريكية التي تمخضت عن إعلان استقلال المستعمرات الأمريكية عن بريطانيا عام 1776، وتبنت جمعا من حقوق الإنسان، كانت ألصق بالثورة الفرنسية، وأكثر تعبيرا عن حاجاتها.
2- الوعي الثقافي بالحقوق: لم تنطلق الثورة الفرنسية من فراغ، وإنما كانت لها جذورها الفكرية والثقافية الضاربة في التاريخ الأوروبي القديم، لا سيما عند فقهاء الرومان، وجاءت الحركة الفلسفية في عصر التنوير في القرن الثامن عشر مستلهمة الواقع والتاريخ لتخرج من كل ذلك بمفاهيم ونظرات جديدة.
... كانت الريادة الثقافية بصورة خاصة لقادة الفكر الثلاثة في القرن الثامن عشر: روسو، مونتيسكو، وفولتير، الذين عاشوا عن قرب هموم الإنسان الأوروبي، وشربوا من ذات الكأس التي شرب منها، فكان لهم بالغ الأثر في التأسيس للثورة الفرنسية، حتى غدا العقد الاجتماعي لروسو إنجيل الثورة، وكلمات فولتير وعباراته تلهب ظهور الخاملين.
3- الوعي الثقافي بالمعرفة: يعد ظهور الطبقة البرجوازية، وتمكنها العلمي والاقتصادي من أهم ملامح الحياة الاقتصادية الفرنسية في القرن الثامن عشر، ومع ذلك فقد كان الاتجاه العام يسير نحو إقصاء هذه الطبقة عن مواطن التأثير السياسي، ولهذا عملت الصالونات الاجتماعية والثقافية على توعية هذه الطبقة بحقوقها ومكانتها، إلا أن الطبقة الارستقراطية بما تتمتع به من النفوذ والسلطة - عملت هي الأخرى على إبعاد هذه الطبقة النشطة المثقفة العاملة عن مواطن اتخاذ القرار، وربما تعاملت معها بوقاحة وصلف، مما كان له الأثر الكبير في إثارة النفوس لكرامتها وحقوقها.
الممهدات الاقتصادية للثورة:
.. فقد عم فرنسا فساد مالي واسع، ومظالم اقتصادية كبيرة، ونفوذ أرعن من طبقة النبلاء ورجال الدين، عملت في مجموعها على إثارة حنق الطبقة العامة، ولا سيما الفلاحين، وعموم المستضعفين المعنيين بدفع الضرائب، وتحمل المكوس والإتاوات الظالمة، مما نتج عنه تحول قطاعات كبيرة من السكان إلى الفقر المدقع، الذي دفع بعضهم إلى امتهان الشحاذة، فقد افتتح عهد لويس السادس عشر بموجات من الجوع العام استمرت سنوات، حولت كثيرا منم البسطاء إلى متسولين وقد سبق الثورة سنتان من البرد الشديد والصقيع المهلك، الذي أهلك قطاعا كبيرا من المحاصيل الزراعية، ووضع الطبقة العامة بصورة عامة، والفلاحين بصورة خاصة في حرج شديد، وضيق خانق
... ولم يكن لدى لويس السادس عشر القدر الكافي من الحنكة السياسية وبعد النظر، ولم تتوافر عنده البطانة الناصحة، الأمر الذي أضعف من سدادة قراراته السياسية، فقد خاض حروبا خاسرة، وتبنى الثورة الأمريكية بالدعم والمساعدة، إضافة إلى ما تحمله من تاريخ الهزائم والاخفاقات السابقة لعهده، مما أضعف في مجموعه ميزانية البلاد
... ظهور الآلة البخارية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، التي اعتبرها البعض مسيحا جديدا، مما هيأ للثورة الصناعية، وفتحت أمام الانسان مجالات اقتصادية أرحب، تقدمت على إثرها الرأسمالية.
.. فقد عم فرنسا فساد مالي واسع، ومظالم اقتصادية كبيرة، ونفوذ أرعن من طبقة النبلاء ورجال الدين، عملت في مجموعها على إثارة حنق الطبقة العامة، ولا سيما الفلاحين، وعموم المستضعفين المعنيين بدفع الضرائب، وتحمل المكوس والإتاوات الظالمة، مما نتج عنه تحول قطاعات كبيرة من السكان إلى الفقر المدقع، الذي دفع بعضهم إلى امتهان الشحاذة، فقد افتتح عهد لويس السادس عشر بموجات من الجوع العام استمرت سنوات، حولت كثيرا منم البسطاء إلى متسولين وقد سبق الثورة سنتان من البرد الشديد والصقيع المهلك، الذي أهلك قطاعا كبيرا من المحاصيل الزراعية، ووضع الطبقة العامة بصورة عامة، والفلاحين بصورة خاصة في حرج شديد، وضيق خانق
... ولم يكن لدى لويس السادس عشر القدر الكافي من الحنكة السياسية وبعد النظر، ولم تتوافر عنده البطانة الناصحة، الأمر الذي أضعف من سدادة قراراته السياسية، فقد خاض حروبا خاسرة، وتبنى الثورة الأمريكية بالدعم والمساعدة، إضافة إلى ما تحمله من تاريخ الهزائم والاخفاقات السابقة لعهده، مما أضعف في مجموعه ميزانية البلاد
... ظهور الآلة البخارية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، التي اعتبرها البعض مسيحا جديدا، مما هيأ للثورة الصناعية، وفتحت أمام الانسان مجالات اقتصادية أرحب، تقدمت على إثرها الرأسمالية.
لقد عملت هذه الممهدات الأربعة: الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والاقتصادية، على إبراز الطبقة البرجوازية، والتمكين لها، وإعدادها من خلال المعاناة، والتجارب، والمعرفة، للقيام بأدوار جديدة، ومهمات كبيرة لم يسبق لها خوض أمثالها، فقد اضطلعت الطبقة البرجوازية الفرنسية بمهام قيادة الثورة، وإدارة الجماهير، ومقارعة السلاطين، وسن القوانين، وخوض الحروب.